الجمعة، 24 يناير 2014

■■■ القديس مار سمعان العامودي ■■■

تذكار القديس مار سمعان العامودي
السبت, سبتمبر 01, 2012

حياة القديس سمعان العامودي:
ولد القديس سمعان حوالي سنة 386 م في بلدة سيس القريبة من بيقوبوليس ( قرب أضنة ، تركيا حالياً ) وقد أخذ عن والديه الريفيين الميسورين رعاية المواشي وهو فتى صغير . وفي يوم قارس البرد وكثير الثلج لزم القطيع فيه الحظيرة ذهب مع والديه إلى الكنيسة حيث استمع إلى الكاهن يردد التطويبات التي أطلقها الفادي عظة الجبل :

طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض
طوبى للجياع والعطاش إلى البر فانهم يشبعون
طوبى للمحزونين فإنهم يعزون
طوبى للرحماء فإنهم يرحمون
طوبى لأنقياء القلوب فإنهم يعاينون الله
طوبى للساعين إلى السلام فإنهم أبناء الله يدعون ...
 
اجتذبت كلمات المعلم الإلهي فتانا سمعان وتاقت نفسه إلى الصفاء الروحي ومال إلى الحياة النسكية فانضم إلى جماعة من النساك ، قرب سيس ،
فبقي معهم مدة سنتين لكن نفسه تاقت بعدها إلى حياة أكمل فانتقل إلى منطقة دير تلعادة الكبير جنوب سفح جبل الشيخ بركات ولجأ إلى دير برج السبع القريب إلى الغرب الذي كان أسسه أوسيبوناس وحبيبيون تلميذا مار سابا العظيم وكان يرأسه هليدوروس ويضم ثمانين راهبا . أمضى القديس سمعان في هذا الدير عشر سنوات قضاها في الصلاة والتقشف . كان يتناول الطعام مر واحدة في الأسبوع ، وشد مرة حبلاً خشناً على جسده للإمعان في التقشف ، فأدى إلى نزف دمه ولم يقبل بمعالجة الجرح فطلب منه مغادرة الدير كي لا يتسبب خراب من كانت بنيته ضعيفة من الرهبان في حال مجاراته عمله .
في العام 412 م لجأ القديس سمعان إلى بلدة تلانيسوس ( قرية دير سمعان حالياً ) الواقعة على السفح الجنوبي الغربي للجبل الذي أقام فيه في ما بعد بقية حياته ، فعاش في هذه البلدة ثلاث سنوات في مجتمع رهباني صغير أسسه مارس بن برعطون .
أقام سمعان في صومعة وصام الصوم الأربعيني دون أن يأكل أو يشرب شيئاً رغم وجود عشرة أرغفة من الخبز وجرة ماء قربه وقد أصبح صوم الأربعين دون أكل أو شرب عادة لدى القديس سمعان رافقته حتى آخر حياته على العامود .
غادر القديس سمعان تلانيسوس وارتقى قمة الجبل المجاور حيث أقام ضمن سياج صغير على شكل دائرة في أرض تعود إلى الأب داوود من تلانيسوس وربط نفسه بسلسة طولها عشرون ذراعاً لتحد من حركته وتكون قيدً لجسده . إلا أنه أقتنع بعد تنبيه أحد أساقفة أنطاكية له واسمه ملاتيوس . بقطع السلسلة بحيث تكفيه رقابة ضميره قيداً لجسده . وقد خلف مكانً تثبيت السلسلة على فخذه قروحاً تختبئ فيها البراغيث وهو يحتمل قرصها بشجاعة لمجد الله .
ذاعت طريقة حياته والعجائب التي كان يصنعها الله على يديه ، فاقبل الناس عليه بكثرة ، منهم المرضى لينعموا بالشفاء ،ومنهم العواقر ليرزقهن الله أولاداً وغيرهم ليمدهم بالنصح والرشاد لحل مشاكلهم المستعصية .
وكان الناس يقصدونه من كل حدب وصوب على مختلف جنسياتهم ، من الفرس والأرمن والعرب ومن أقصى الغرب من اسبانيا وانكلترا وبلاد الغال .... وبغية تجنب مضايقة الزوار العديدين انتصب سمعان على عامود أقيم له بارتفاع ذراعين بحسب قول \" الحياة السريانية \" وبارتفاع ستة أذرع بحسب رأي تيودوره أسقف قورش . وأخذ العامود يزداد ارتفاعاً ، بازدياد حجم أعداد الجمهور الجموع التي كانت تقصد القديس حتى وصل ارتفاعه إلى 40 ذراعاً بحسب النص السرياني و36 ذراعاً بحسب قول الأسقف تيودورة .
أمضى القديس سمعان على هذا العامود اثنين و أربعين عاماً .نعرف ذلك من السقف تيودورة الذي ذكر في \" التاريخ الكنائسي \" الذي كتبه في العام 444 م وأورد فيه سيرة نساك المنطقة ، انه يرى القديس سمعان عل عاموده للمرة الثامنة والعشرين . وبما أن القديس توفي في العام 459 م فهذا يعني أنه بقي على عاموده مدة 42 عاماً .
كان القديس سمعان صاحب رسالة وخطيباً ، يعظ مرتين في اليوم ويوزع نصائحه على قاصديه ومن حوله . يحل خلافات المتخاصمين ويرشد الوثنيين منهم إلى الدين المسيحي . كانت حياته مثالاً نموذجياً لحياة الناسك السوري الذي كان يعرف كيف يوفق بين الانعزال والنظام القاسي لنكران الذات والمشاركة المباشرة مع مظاهر الحياة المدنية والدينية بالاحتكاك اليومي مع الجماهير . ويذكر الأسقف تيودوره مجيء زوار حتى من رافينا في ايطاليا . وكان يحج إلى العامود وسكانه وفود الرهبان والرسميون وكبار رجال الكنيسة والدولة القادمون لزيارة أنطاكية وحضور الاجتماعات الدينية فيها ، كمجيء الراهب دانيال الذي أصبح في ما بعد ومن المتحمسين للقديس سمعان . لقد زاره بعد حضور اجتماع ديني في انطاكية مع مجموعة من الآباء برتبة ارشمندريت .
وقد ساهمت العلاقات التجارية بين انطاكية والعالم الروماني في اذاعة شهرة القديس سمعان العامودي وكانت صورته معروضة في محترفات الفنانين في روما ، كما يذكر أنه كان يرسل تحياته إلى القديسة جنفياف شفيعة باريس ( قرية ليتسيا lutetia آنئذٍ ) مع التجار الغاليين الذين كانوا يزورونه ويعلمونه عن قداستها وأخبارها .ومن عجائب القديس سمعان التي يذكرها الأسقف تيودوره ، شفاء أحد الأمراء القادمين إليه من الرقة وكان مصابا ً بالفالج .
كما استجاب دعاء أحدى أمهات الاسماعيليين فأصبحي أماً بعد أن كانت عاقراً . وكان أهل فارس يدعونه \" الرجل الآلي \" وكانت قوة احتماله للوقوف والسجود فوق عاموده في أثناء صلاته عجائبية . فقد عدَّ أحد مرافقي الأسقف تيودوره 1244 ألف ومائتي وأربع وأربعين سجدة ثم ضجر وتوقف عن العد . وكان في سجوده ينحني فتصل جبهته حتى إصبع رجليه . ذلك أن معدته التي لايصل إليها الطعام سوى مرة واحدة في الأسبوع وبكمية ضئيلة كانت تسهل انحناء ظهره . وكان يبقى بعد غياب الشمس وحتى شروقها في الأفق واقفاً الليل كله رافعاً يديه نحو السماء دون أن يميل إلى النعاس أو يغلبه التعب .
توفي القديس سمعان في 24 تموز 459 وسجي جثمانه قرب أسفل العامود في تابوت من الرصاص . وجاء في سرد العامودي دانيال أنه لم يكن هناك على الهضبة التي انتصب عليها العامودي أي بناء ، بينما ذكرت رواية أنطون تلميذ سمعان والشاهد العيان لأيامه الأخيرة إن مكان العامود كان محاطاً بسياج فيه باب .
جاء مرتيريوس بطريرك أنطاكية مع حاشية كبيرة لنقل جثمان القديس العظيم إلى العاصمة أنطاكية فلقي مقاومة وممانعة من رهبان تلانيسوس وسكن المنطقة . جاء مرة ثانية وبرفقته 600 جندي بإمرة القائد الارمني اردبو وأخذوا التابوت وحملوه وساروا به على الأقدام حتى قرية شيخ الدير قرب الغزاوية ، ومن هناك وضع في عربة توجهت إلى أنطاكية حيث كانت الجموع تنتظر وصول الجثمان وهي تحمل الشموع في أيديها.
وضع الجثمان مدة شهر في كنيسة كاسيانوس ثم نقل إلى كنيسة قسطنطين الكبير . ويعتقد أن سبب نقل الجثمان إلى أنطاكية هو لحمايتها من كوارث الزلازل التي كانت تتعرض لها أنطاكية حيناً بعد آخر . ولم يمنع نقل جثمان القديس سمعان إلى أنطاكية الناس من الحج إلى مكان العامود في جبل سمعان .
في العام 460 م اعتلى دانيال ، الذي قلد القديس سمعان بالتنسك ، أعلى عامود في الضفة الغربية للبوسفور قرب القسطنطينية ، قرب مكان عامود دانيال . وبهذا تم نقل رفات القديس سمعان إليه من انطاكية ، إذ بني المدفن بين 471 و474 م . ولاتذكر سيرة \" الحياة السريانية \" المكتوبة في 472/473 م إقامة أي بناء في مكان عامود القديس سمعان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق