الاثنين، 3 مارس 2014

♣♣♣ القديس البار يوسف المرنم (886م) ♣♣♣

القديس البار يوسف المرنم (886م)
 
      
 
      
أصله صقلي انكب على قراءة الكتاب المقدس والتامل فيه منذ فتوته. لما سقط موطنه في أيدي العرب المسلمين فر وذويه إلى البليوبونيز فإلى تسالونيكي. كان في الخامسة عشرة يومذاك. ترهب في دير لاتموس وأطاع أباه الروحي طاعة كاملة. سلك في نسك شديد، ينام على الأرض ولا يغتذي سوى بالخبز اليابس والماء ويكتفي من اللباس بأحقره. كان يمضي أكثر لياليه في السجود والترنيم والصلاة. وكان عمل طاعته أن ينسخ المخطوطات. وقد ساهم في جعل ديره مركزاً للخط مرموقاً. سيم كاهناً. انتقل بمعية القديس غريغوريوس الديكابوليتي إلى القسطنطينية حيث استقرا في كنيسة القديس أنتيباس. كان ذلك طبعاً بإيعاز من أبيه الروحي. في ذلك الوقت شنت حملة عنيفة على المدافعين عن الايقونات المقدسة وتحولت الكنيسة الصغيرة التي نزلها يوسف مركزاً استقطب المعترفين بالإيمان القويم. أوفد إلى رومية في مهمة لدى البابا غريغوريوس الرابع (827 – 844) بقصد اطلاعه على الوضع القائم في الشرق وكسب تأييد كنيسة الغرب للإيمان القويم. أبحر إلى ايطاليا دون أن يأخذ معه شيئاً. في الطريق وقع في أسر قراصنة من العرب وسجن في جزيرة كريت. خبر هناك التسليم الكامل لله. كان عزاء وعوناً للأسرى الذين وجد نفسه بينهم فثبتهم في الإيمان وبث فيهم الرجاء إذ كانوا يتعرضون هناك لصنوف شتى من التنكيل. كذلك أصلح أسقفاً كان على وشك الوقوع في الهرطقة وهيأ مؤمناً عامياً للشهادة المجيدة.
ليلة الميلاد، فيما رصف في القيود، احتفل يوسف بمجيء شمس العدل إلى هذا العالم منشداُ، فإذا بالقديس نيقولاوس يتراءى له بهياً لامعاُ ويدفع إليه رقاً عليه هذه الكتابة: "أسرع يا رؤوف وبادر لمعونتنا بما أنك رحيم لأنك قادر على ما تشاء" ثم ينبئه أنه بعد وفاة الامبراطور ثيوفيلوس، سوف يطلق سراحه وأن عليه أن يعود إلى القسطنطينية للعمل على تثبيت الايمان القويم هناك.
وحل اليوم الموعود وعاد يوسف إلى القسطنطينية. رفيقه في مختلاه، القديس غريغوريوس الديكابوليتي، رقد فلزم المكان لبعض الوقت ثم انتقل إلى كنيسة القديس يوحنا الذهبي الفم. هناك تحلق حوله العديدون حتى ضاق به المكان فقرر أن يؤسس ديراً، غير بعيد من المكان، في موضع قاحل. بنى كنيسة على اسم القديس برثلماوس. وإذ رغب في إكرام شفيعه بأناشيد لائقة صلى وصام أربعين يوماُ. في عشية العيد تراءى له القديس الذي أخذ الانجيل الموضوع على المائدة المقدسة وجعله على صدر يوسف وباركه. مذ ذاك أخذ يتدفق من قلبه، بإلهام الروح القدس، نبع فياض من الترانيم والطروباريات لفرح الكنيسة وبنيانها. هكذا تسنى له أن يكمل عمل المرنمين الذين سبقوه، فألف كتاب المعزي على الألحان الثمانية لأيام الاسبوع استكمالاً لدورة الترانيم القيامية للقديس يوحنا الدمشقي (الأوكتويكوس)، كما وضع، إكراماً لعدد كبير من القديسين، قوانين وسيتخيرات، فأكمل دورة الميناون لكل أيام السنة. على هذا تسنى للأرثوذكسية المستعادة، بفضل روح الرب فيه، أن تحتفل، بشكل لائق، بأعياد القديسين بالايقونات والترانيم والاحتفالات المقدسة.
غير أن انتصار الأرثوذكسية هذا لم يخل من الغبش، فإن يوسف تحيز للبطريرك القديس أغناطيوس والرهبان الستوديين الذين وقفوا في وجه الوزير برداس بسبب زواجه من امرأة ابنه. فكانت النتيجة أن جرى نفي يوسف إلى شرصونة في الكريمية، سنة 858م، حيث بقي تسع سنوات قضاها في الشكر لله وإتمام عمله الشعري المرموق.
فلما تبوأ باسيليوس الأول المقدوني العرش، سنة 867، استُدعى القديس أغناطيوس ومناصروه. فعاد يوسف إلى ديره من جديد وتسنى له أن ينجز القسم الأكبر من عمله الموسيقى. وكما كان ليوسف تقدير كبير لدى أعناطيوس البطريرك كانه له التقدير إياه لدى البطريرك القديس فوتيوس الكبير الذي دعاه "أب الأباء، المعادل للملائكة ورجل الله". وقد جعله مستشاراً له في إدارة شؤون الكنيسة ومعرفاً للأساقفة.
وبعدما زين القديس يوسف الكنيسة بفضائلة وأكرم قديسيها بأناشيده، اعتزل في ديره ورقد في الرب في 16 نيسان 886م عن عمر بلغ السبعين.
هذا ويروى أن أحد أعيان المدينة توجه في ذلك اليوم عينه الذي توفي فيه القديس يوسف، إلى كنيسة القديس ثيودوروس التيروني وصلى لكي يعينه القديس في أمر خادمه المفقود. وبعد ثلاثة أيام تراءى له القديس وقال له إنه لم يتمكن من تلبية طلبه بسرعه لأنه كان مشغولاً، وسائر القديسين، باستقبال يوسف المرنم في السماء بعدما أكرمهم بأناشيد إلهية هذا مقدارها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق